
روسيا ترحّب بالسياح السعوديين بلا تأشيرة ضمن مبادرة الانفتاح السياحي الجديد
موسكو – 27 أكتوبر 2025
أعلنت السلطات الروسية أنها تسعى قريبًا لإنهاء متطلبات التأشيرة للمواطنين السعوديين ضمن إطار اتفاق تبسيط وتأشيرة متبادلة بينها وبين المملكة العربية السعودية، في قرار يُعدّ بارزة في مسار التعاون السياحي والثقافي بين البلدين. يستهدف هذا الإجراء تسريع حركة الزوار السعوديين إلى روسيا، وتسهيل الرحلات الترفيهية والثقافية والاقتصادية، ضمن استراتيجية موسكو لزيادة أعداد السياح الأجانب وفتح أسواق جديدة.
خلفية الاتفاق وأسباب تبنيه
تأتي الخطوة الروسية في ظل سعي واضح لتعزيز أواصر التعاون مع دول الخليج في قطاع السياحة، حيث ذكرت وثائق حكومية روسية أن موسكو تدرس إطلاق نظام إعفاء من التأشيرة مع الصين والسعودية وماليزيا في “الآونة المقبلة”.
وعلى ضوء ذلك، أعلن مصدر دبلوماسي أن الاتفاق الخاص بالسفر دون تأشيرة مع السعودية في “مراحل نهائية من الإعداد”.
الجهة الروسية المعنيّة أشارت إلى أن هذا الإجراء سيسهم في “جذب مليوني سائح إضافي” إلى روسيا ضمن خطة تنمية السياحة، ما يعكس الطموح في افتتاح أسواق سياحية جديدة بعيداً عن الاعتماد التقليدي على السياحة الغربية.
ماذا يعني للسياح السعوديين؟
بموجب هذا الاتفاق المتوقع:
• سيتمكن المواطن السعودي من السفر إلى روسيا دون الحاجة للتقديم التقليدي على تأشيرة سياحية مسبقة، أو على الأقل بإجراءات مبسّطة للغاية.
• ستصبح روسيا أكثر سهولة كمقصد سياحي، مع احتمالية فتح رحلات جوية مباشرة أو زيادة وتيرة الرحلات بين الرياض/جدة وموسكو أو مدن روسية أخرى.
• تسهيل الدخول إلى السياحة الروسية، مما يسمح بالجمع بين زيارة معالم روسيا الثقافية والطبيعية – من موسكو وسانت بطرسبرغ إلى سيبيريا والبتروڤاذ – والاستفادة من خدمات الضيافة الموجهة للمسافرين الخليجيين.
السياق الاقتصادي والثقافي
انطلاق هذا التوجه يأتي في وقت تنوِّع فيه روسيا مصادرها السياحية بسبب التحديات الدولية، حيث تسعى لتعويض ضعف السياحة القادمة من الغرب بتوسيع قاعدة الزوار من آسيا والشرق الأوسط. وثيقة حكومية روسية تشير إلى أن عدد رحلات الأجانب المزمع زيادته من نحو 5 ملايين حالياً إلى ما يقرب من 11 مليون بحلول عام 2030.
من جهة أخرى، السعودية تعتبر سوقًا واعدة للسياحة الروسية لعدة أسباب: القوة الشرائية المتوفرة، ارتفاع الطلب على التجارب الجديدة خارج الديار، وزيادة إمكانية السفر والترفيه لدى المواطنين السعوديين.
كما أن السعودية نفسها تعمل على تعزيز تنوّع اقتصادها عبر السياحة ضمن رؤية 2030، ما يجعل الاتفاق مع روسيا فرصة متبادَلة.
الفوائد والخدمات المتوقعة
مع الاتفاق، يُتوقع أن يشهد الكادر السياحي في روسيا تطويراً لخدماته تجاه المسافرين من السعودية، مثل:
• توفير خدمات باللغة العربية داخل الفنادق والمطاعم الروسية.
• تكييف العروض السياحية لتشمل المطاعم الحلال والمساجد أو أماكن العبادة، لمناسبة احتياجات الزائر الخليجي.
• تسويق الوجهات الروسية (مثل موسكو، سانت بطرسبرغ، بحيرة بايكال، جبال القوقاز) لدى الجمهور السعودي والخليجي، من خلال الحملات الدعائية والعلاقات العامة.
• استفادة شركات الطيران من فرص فتح خطوط مباشرة أو موسعة لتلبية الطلب المتوقع.
• زيادة التعاون بين وكالات السفر السعودية والروسية لتنسيق برامج سياحية موجهة.
التحديات التي يجب مراعاتها
رغم الحماس الكبير، هناك بعض التحديات التي ينبغي للجهتين الأخذ بها:
• مدى توقيت التنفيذ الفعلي للاتفاق، حيث رغم التصريحات فإن التفاصيل الدقيقة لم تُعلن بعد بشكل رسمي كامل.
• ضرورة التنسيق الأمني والجمركي والدبلوماسي لضمان إطار تشغيل سلس وآمن للاتفاق.
• تعديل البنية التحتية السياحية في روسيا لتتلاءم مع احتياجات السياح الخليجيين من حيث اللغة، الطعام، التوجيه، ووسائل الدفع.
• تسويق الوجهة الروسية بفعالية في السوق السعودي وتوضيح قيمة التجربة للمسافر، خصوصاً في طور المنافسة العالمية.
تأثير مرتقب على نموذج السفر
إذا ما نفذ الاتفاق، سيكون لدى المواطن السعودي خيار أيسر وأكثر تنوعاً للسفر خارج الوجهات التقليدية، كما أن روسيا ستكسب تدفقاً سياحياً جديداً يعزّز العائد الاقتصادي والثقافي.
كما أن هذه الخطوة ستعزز الأعمال المرتبطة بالسياحة، من الطيران والفنادق والإقامة إلى النقل الداخلي والجولات السياحية، وقد تشكّل محفّزاً لافتتاح منتجات سياحية جديدة كـ “الشتاء الروسي” أو “رحلات الطبيعة في سيبيريا” موجهة خصيصاً للجمهور الخليجي.
إن إعلان روسيا عن الإعفاء المرتقب من التأشيرة للمسافرين السعوديين يأتي كإشارة واضحة إلى تحوّل في خريطة السياحة الدولية، حيث ترتبط الجغرافيا التقليدية للسفر بتوجهات جديدة نحو الشرق الأوسط. بالنسبة للسعوديين، فإنه فتح لباب نحو اكتشاف روسيا الثرية بالتاريخ، الثقافة، والطبيعة بطريقة أكثر سهولة وراحة. وبالنسبة لروسيا، فإنه تعزيز لشراكة استراتيجية مع سوق سياحي قوي ومتنامٍ. فإن تمّ التنفيذ بنجاح، ستكون هذه الخطوة بداية لعهد جديد من التبادل السياحي بين الرياض وموسكو.














