
الخطوط السعودية تُدشّن أولى رحلاتها المباشرة إلى موسكو.. جسر جديد بين الرياض وروسيا
في حدثٍ يُعد محطةً جديدة في مسيرة التوسع العالمي للخطوط الجوية السعودية، أطلقت الشركة أولى رحلاتها المنتظمة والمباشرة بين العاصمة الرياض والعاصمة الروسية موسكو، لتصبح روسيا أحدث وجهة أوروبية تنضم إلى شبكة “السعودية” المتنامية، ضمن خططها لتعزيز الربط الجوي بين المملكة والعالم، ودعم توجهات رؤية السعودية 2030 نحو جعل المملكة مركزًا عالميًا للطيران والسياحة.
الرحلة الأولى التي حملت الرقم SV0283 أقلعت من مطار الملك خالد الدولي بالرياض في أجواء احتفالية، وسط حضور رسمي من ممثلي الهيئة العامة للطيران المدني والسفارة الروسية ومسؤولي الشركة، قبل أن تحط في مطار شيريميتيفو الدولي بموسكو، حيث استُقبلت بتحية تقليدية مميزة عبر قوس المياه الذي يُعد من أبرز طقوس الترحيب بالطائرات الجديدة أو الوجهات الحديثة في عالم الطيران المدني.
توسّع استراتيجي جديد
تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة توسعات أطلقتها الخطوط السعودية خلال العام الجاري، شملت وجهات في أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتركز على تعزيز الربط بين المملكة والعواصم الاقتصادية والسياحية العالمية.
وأوضح إبراهيم الكشي، الرئيس التنفيذي للخطوط السعودية، أن إطلاق الرحلات المباشرة إلى موسكو يُعد “خطوة استراتيجية لفتح آفاق جديدة أمام المسافرين السعوديين، سواء للسياحة أو الأعمال أو التعليم”، مؤكدًا أن الشركة تعمل على بناء شبكة رحلات تُسهّل الوصول إلى أهم الوجهات العالمية دون توقف.
وأضاف الكشي أن الوجهة الروسية تمثل سوقًا واعدًا في ظل تنامي العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أن الرحلات ستكون بمعدل ثلاث رحلات أسبوعياً من الرياض إلى موسكو أيام الأحد والثلاثاء والجمعة، عبر طائرات حديثة من طراز بوينغ 787-10، التي توفر مستويات عالية من الراحة والتقنيات المتطورة للركاب.
دعم متبادل للعلاقات الثنائية
من جانبه، عبّر السفير الروسي لدى المملكة سيرجي كوزلوف عن ترحيب بلاده بهذه الخطوة، واصفًا افتتاح هذا الخط الجوي بأنه “جسر جديد بين موسكو والرياض يعكس عمق العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين”.
وأضاف أن هذه الرحلات ستسهم في زيادة التبادل التجاري والسياحي والثقافي، وتفتح الباب أمام السياح الروس لاكتشاف الوجهات السعودية المتنوعة، من العلا إلى جدة والرياض والبحر الأحمر، خصوصًا في ظل تسهيلات التأشيرات السياحية التي تقدمها المملكة.
وأشار السفير إلى أن عدد الزوار الروس إلى السعودية شهد ارتفاعًا ملحوظًا منذ بدء إصدار التأشيرة السياحية الإلكترونية، متوقعًا أن تتضاعف الأرقام خلال العام المقبل بعد تدشين هذا الخط المباشر.
السعودية وجهة جديدة للسياح الروس
ويُتوقع أن تشهد المملكة في الفترة المقبلة اهتمامًا متزايدًا من المسافرين الروس، خاصة الباحثين عن وجهات دافئة في الشتاء وغنية بالتاريخ والثقافة.
وقد بدأت شركات سياحية روسية بالفعل بإدراج برامج سفر إلى الرياض والعلا وجدة، إضافة إلى الوجهات الشاطئية الجديدة على ساحل البحر الأحمر، حيث تتزايد جاذبية المملكة كمقصد سياحي عالمي ناشئ.
كما أبدت شركات روسية اهتمامها بالاستثمار في قطاعي السياحة والضيافة داخل المملكة، ما يعزز فرص التعاون في هذا المجال.
أهمية اقتصادية وسياحية
يأتي هذا الخط الجديد في وقتٍ تعمل فيه السعودية على تحويل قطاع الطيران إلى محرك اقتصادي رئيسي.
وبحسب تصريحات رسمية، تهدف المملكة إلى أن تصبح أحد أهم مراكز الطيران في العالم بحلول عام 2030، مع استهداف زيادة عدد الرحلات الدولية إلى أكثر من 250 وجهة، ورفع الطاقة الاستيعابية للمطارات المحلية والدولية.
الرحلات الجديدة إلى موسكو لا تخدم فقط حركة الركاب، بل أيضًا قطاع الشحن الجوي، إذ من المتوقع أن تنعكس إيجابًا على حركة البضائع والتجارة بين البلدين، خاصة في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والطاقة.
تجربة سفر مميزة
وأوضحت الخطوط السعودية في بيانها أن الرحلات إلى موسكو ستقدم تجربة متكاملة للركاب، تشمل وجبات مستوحاة من المطبخين السعودي والروسي، إلى جانب خدمات الترفيه الجوي الحديثة التي تتيح أكثر من 5000 ساعة من الأفلام والموسيقى والبرامج بلغات متعددة، بينها الروسية.
كما سيتمكن المسافرون من الاستفادة من خدمة الإنترنت عالي السرعة على متن الطائرة، وخدمة “السعودية واصل” التي تُتيح متابعة الرحلات الداخلية عند العودة إلى المملكة.
منافسة إيجابية
الجدير بالذكر أن طيران ناس كان قد أطلق رحلاته المباشرة إلى موسكو قبل شهرين عبر مطار فنوكوفو، في خطوة مشابهة تعكس تنامي التوجه السعودي نحو السوق الروسية.
إطلاق الخطوط السعودية لرحلاتها نحو العاصمة الروسية يعزز من التنافس الإيجابي بين شركات الطيران السعودية، ويمنح المسافرين خيارات أوسع من حيث الأسعار والمواعيد ونقاط الانطلاق.
مستقبل واعد للربط الجوي السعودي
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار المملكة في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية للطيران المدني، التي تهدف إلى جعل الرياض مركزًا عالميًا للربط الجوي بين الشرق والغرب.
ومن المنتظر أن تُعلن الخطوط السعودية قريبًا عن وجهات جديدة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، استكمالاً لخطة التوسع الدولي التي بدأت تؤتي ثمارها.
بهذه الرحلة، تكتب الخطوط السعودية فصلًا جديدًا في تاريخها الممتد منذ أكثر من 75 عامًا، مؤكدة مكانتها كشركة طيران وطنية تحمل طموحات المملكة نحو المستقبل، وتربط السعوديين والعالم بآفاقٍ جديدة من التعاون والسياحة والثقافة