
السفر… نافذتك إلى العالم ومرآتك إلى الذات
29 يونيو 2025 - 14:31
كتب : سليمان الدخيل
في زحمة الأيام ورتابة التفاصيل، كثيرًا ما نشعر أن شيئًا ما ينقصنا. نبحث عنه في أرفف الكتب، في شاشة الهاتف، في لحظة صمتٍ لا تأتي. لكنّ هذا “الشيء” كثيرًا ما يكون بسيطًا، قريبًا… اسمه: السفر.
نافذة على العالم
السفر ليس مجرّد انتقال من مكان إلى آخر، بل هو نافذة تُفتح على اتساع العالم. ترى فيه وجوهًا مختلفة، وتسمع لغات لم تعتدها، وتتنفس هواءً جديدًا يحمل رائحة الغريب والمثير. من الأسواق القديمة في مراكش، إلى شوارع باريس الهادئة، ومن معابد كيوتو إلى شواطئ زنجبار، في كل وجهة حكاية، وفي كل ركنٍ فكرة.
اتساع في الإدراك.. وانفتاح في العقل
عندما تسافر، فأنت تترك وراءك ما هو مألوف ومطمئن، لتتعلّم كيف ترى العالم بعين غيرك. تُعيد التفكير في أفكارك، وتكسر الصور النمطية، وتتعلم أن الحقيقة ليست دائمًا كما عشتها. تسافر لتعرف أن “الاختلاف” لا يعني “الخطأ”، بل هو شكل آخر من أشكال الحياة.
راحة النفس واستعادة التوازن
السفر فرصة للانفصال المؤقت عن الضغوط اليومية، وعن التوتر الذي يتسلّل إلينا من الشاشات والمواعيد والإجهاد. حين تسير في الطبيعة، أو تتأمل غروب الشمس في مكان جديد، يعود إليك شيء من السكينة. حتى في ازدحام المدن الجديدة، ثمة فراغ جميل يتسلل بداخلك، يساعدك على إعادة ترتيب داخلك.
بناء علاقات وإنسانية أعمق
كل من تسافر معهم أو تلتقي بهم في الطريق يتركون بصمة ما. قد تكون صداقة عابرة في قطار، أو حديثًا عميقًا مع نادل في مطعم صغير. هذه العلاقات العابرة تعلمنا التواضع، وتمنحنا شعورًا مشتركًا بالانتماء إلى الإنسانية، مهما اختلفت لغاتنا ودياناتنا وأوطاننا.
تجربة تعلّم لا تشبه غيرها
لا مدرسة تُعلّمك مثلما يُعلّمك السفر. تتعلم كيف تتصرف، كيف تتأقلم، كيف تخطط، كيف تخاطر، وكيف تتحمل مسؤولية نفسك في بيئة غير مألوفة. يُعلمك كيف تحترم ثقافات الآخرين، وكيف تتعرف على نفسك خارج إطار العادات التي نشأت عليها.
السفر لا يُغنيك عن الوطن، لكنه يُعمّق حبك له
العودة من السفر غالبًا ما تكون لحظة إدراك. تدرك كم تفتقد رائحة بيتك، لهجة أهلك، تفاصيل مدينتك الصغيرة. فالسفر لا يصنع قطيعة مع الوطن، بل يجعلك تراه بشكل أعمق، ويعلّمك كيف تحبه دون تعصب، وكيف تنقده دون كراهية.
واخيراً أقول أن السفر تجربة لا تُقاس بالمسافة، بل بالتغيير الذي يحدث في داخلك. هو استثمار في ذاتك، في وعيك، في إنسانيتك. لا تنتظر ظروفًا مثالية لتسافر. ابدأ بما تستطيع، حتى وإن كانت رحلة إلى مدينة قريبة. فما دام فيك شغف الاكتشاف، فأنت على الطريق.
سافر… لتعرف العالم، ولتعرف نفسك أكثر
مواضيع ذات صلة

السفر… نافذتك إلى العالم ومرآتك إلى الذات
في زحمة الأيام ورتابة التفاصيل، كثيرًا ما نشعر أن شيئًا ما ينقصنا. نبحث عنه في أرفف الكتب، في شاشة الهاتف، في لحظة صمتٍ لا تأتي. لكنّ هذا “الشيء” كثيرًا ما يكون بسيطًا، قريبًا… اسمه: السفر.
نافذة على العالم
السفر ليس مجرّد انتقال من مكان إلى آخر، بل هو نافذة تُفتح على اتساع العالم. ترى فيه وجوهًا مختلفة، وتسمع لغات لم تعتدها، وتتنفس هواءً جديدًا يحمل رائحة الغريب والمثير. من الأسواق القديمة في مراكش، إلى شوارع باريس الهادئة، ومن معابد كيوتو إلى شواطئ زنجبار، في كل وجهة حكاية، وفي كل ركنٍ فكرة.
اتساع في الإدراك.. وانفتاح في العقل
عندما تسافر، فأنت تترك وراءك ما هو مألوف ومطمئن، لتتعلّم كيف ترى العالم بعين غيرك. تُعيد التفكير في أفكارك، وتكسر الصور النمطية، وتتعلم أن الحقيقة ليست دائمًا كما عشتها. تسافر لتعرف أن “الاختلاف” لا يعني “الخطأ”، بل هو شكل آخر من أشكال الحياة.
راحة النفس واستعادة التوازن
السفر فرصة للانفصال المؤقت عن الضغوط اليومية، وعن التوتر الذي يتسلّل إلينا من الشاشات والمواعيد والإجهاد. حين تسير في الطبيعة، أو تتأمل غروب الشمس في مكان جديد، يعود إليك شيء من السكينة. حتى في ازدحام المدن الجديدة، ثمة فراغ جميل يتسلل بداخلك، يساعدك على إعادة ترتيب داخلك.
بناء علاقات وإنسانية أعمق
كل من تسافر معهم أو تلتقي بهم في الطريق يتركون بصمة ما. قد تكون صداقة عابرة في قطار، أو حديثًا عميقًا مع نادل في مطعم صغير. هذه العلاقات العابرة تعلمنا التواضع، وتمنحنا شعورًا مشتركًا بالانتماء إلى الإنسانية، مهما اختلفت لغاتنا ودياناتنا وأوطاننا.
تجربة تعلّم لا تشبه غيرها
لا مدرسة تُعلّمك مثلما يُعلّمك السفر. تتعلم كيف تتصرف، كيف تتأقلم، كيف تخطط، كيف تخاطر، وكيف تتحمل مسؤولية نفسك في بيئة غير مألوفة. يُعلمك كيف تحترم ثقافات الآخرين، وكيف تتعرف على نفسك خارج إطار العادات التي نشأت عليها.
السفر لا يُغنيك عن الوطن، لكنه يُعمّق حبك له
العودة من السفر غالبًا ما تكون لحظة إدراك. تدرك كم تفتقد رائحة بيتك، لهجة أهلك، تفاصيل مدينتك الصغيرة. فالسفر لا يصنع قطيعة مع الوطن، بل يجعلك تراه بشكل أعمق، ويعلّمك كيف تحبه دون تعصب، وكيف تنقده دون كراهية.
واخيراً أقول أن السفر تجربة لا تُقاس بالمسافة، بل بالتغيير الذي يحدث في داخلك. هو استثمار في ذاتك، في وعيك، في إنسانيتك. لا تنتظر ظروفًا مثالية لتسافر. ابدأ بما تستطيع، حتى وإن كانت رحلة إلى مدينة قريبة. فما دام فيك شغف الاكتشاف، فأنت على الطريق.
سافر… لتعرف العالم، ولتعرف نفسك أكثر
منذ أسبوعين . مقالات

كفاءة التبريد: ركيزة تحقيق الحياد المناخي في الشرق الأوسط وأفريقيا
بقلم: أحمد عقل،
المدير العام لشركة جونسون كونترولز–هيتاشي لحلول التكييف في الشرق الأوسط
وأفريقيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة، 14 مايو
2025 – في ظـلّ
تسارع خطوات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نحو مُستقبل أكثر استدامة، يقف قطاع
التكييف في نقطة تحول حاسمة. فمع ازدياد معدلات التخطيط المدني والطلب المستمر على
خدمات التبريد طوال العام، لم تعد أنظمة التكييف مجرد وسائل راحة، بل أصبحت ضرورة
حياتية. إلا أنها في الوقت نفسه من بين أكبر مستهلكي الكهرباء ومصادر الانبعاثات
الكربونية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة، فإن معظم أجهزة
التكييف المستخدمة حاليًا أقل كفاءة بمرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بالأنظمة الأعلى
أداءً. وهو ما يشكّل تحديًا حقيقيًا أمام الاستراتيجيات الوطنية للطاقة وأهداف
المناخ، لا سيما في منطقة يعتمد فيها التبريد المنزلي على ما يصل إلى 70% من
استهلاك الكهرباء.
ويُتوقع أن تكون المنطقة من بين الأسرع عالميًا
في نمو الطلب على التبريد، مدفوعة بالنمو السكاني، والتوسع العمراني، وارتفاع
درجات الحرارة. وإذا واصل قطاع التكييف الاعتماد على أنظمة قديمة وعالية الاستهلاك
للطاقة، فقد يُهدد ذلك قدرة الدول على تحقيق أهدافها الطموحة للحياد المناخي.
وللتوجه نحو الاستدامة، لا بد من مسارين
متوازيين: تسريع تبنّي التكنولوجيا الحديثة، وتفعيل التغيير السلوكي.
أولاً، يجب تسريع نشر أنظمة التكييف عالية
الكفاءة، المصمّمة لتوفير نفس قدرة التبريد باستخدام طاقة أقل بكثير. فهذه الأنظمة
ليست مجرد بدائل ممكنة، بل باتت متاحة أكثر من أي وقت مضى. واعتمادها سيسهم في
تقليل الأحمال خلال ساعات الذروة، وخفض الانبعاثات، وتخفيف الضغط على شبكات
الكهرباء الوطنية.
وثانيًا، لا بد أن تواكب برامج التوعية وبناء
القدرات في قطاع البيئة العمرانية هذا التوجه. فالمهندسون والمطورون ومديرو
المرافق بحاجة إلى أكثر من مجرد معدات — إنهم بحاجة إلى معرفة وخبرة. فتعظيم أداء
أنظمة التكييف يتطلب فهمًا عميقًا لتكامل الأنظمة، وأدوات التحكم الذكية،
واستراتيجيات التبريد السلبي، وأفضل ممارسات الصيانة. فحتى الأنظمة المتطورة قد
تفشل في تحقيق كفاءتها إذا لم تُستخدم بشكل صحيح.
وتتزايد أهمية هذا الأمر في البلدان التي بدأت
بتطبيق لوائح البناء الأخضر أو تحديث بنيتها التحتية. فغالبًا ما يُنظر إلى
التكييف كمتطلب للامتثال لا كمكوّن جوهري في خطط الاستدامة. إلا أن البيانات
واضحة: من دون تحسين كفاءة التبريد، ستجد العديد من الدول صعوبة في الوفاء
بتعهداتها ضمن اتفاق باريس للمناخ أو أهداف الحياد المناخي الإقليمية.
ولا تتوقف آثار كفاءة التكييف عند الطاقة، بل
تمتد إلى الصحة العامة والإنتاجية. ففي المدارس والمستشفيات، يسهم التبريد الموثوق
والفعال على التوالي في تحسين التحصيل الدراسي وتسريع التعافي. وفي الصناعة، يُعزز
استقرار العمليات ويخفض التكاليف التشغيلية. وبالنسبة للفئات الهشة، قد يشكّل
التكييف الفعّال وسيلة حماية حيوية خلال موجات الحر.
ولتحقيق هذا التحول، لا بد من تعاون بين مختلف
القطاعات — من واضعي السياسات إلى المطورين والموردين ومراكز التدريب. ويتطلب ذلك
مواءمة الحوافز، وفرض معايير أداء صارمة، والاستثمار في برامج تدريب مهني ترفع
مستوى الكفاءة على امتداد القطاع.
في نهاية المطاف، التبريد في منطقة الشرق الأوسط
وأفريقيا ليس خيارًا — بل كيفية تبريدنا هي الخيار. واعتماد أنظمة تكييف عالية
الأداء ليس مجرد تحديث تقني، بل قرار استراتيجي لكل دولة أو مؤسسة تسعى جديًا نحو ضمان
مستقبل مستدام. وإذا كان الحياد المناخي هو الوجهة، فإن التبريد عالي الكفاءة هو
أحد أهم الوسائل للوصول إليها.
- إنتهى-
منذ 4 أسابيع . مقالات

ضرورة الشفافية: لماذا يجب أن يقود الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps)، حركة "صافي انبعاثات صفرية" في قطاع التكنولوجيا
بقلم: بهاراني كومار كولاسيكاران، مدير المنتجات في "مانيج إنجن"
واجهت الوعود الكبيرة لصناعة التكنولوجيا فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي والاستدامة جدارًا من التحديات. بينما تتباهى المنظمات بحلول الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة، تستهلك التكنولوجيا نفسها كميات هائلة من الطاقة. وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، استهلكت مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية مجتمعة 460 تيراواط/ساعة من الكهرباء في عام 2022، وهو ما يعادل حوالي 2% من الطلب العالمي على الطاقة. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بأكثر من الضعف بحلول عام 2026 ليصل إلى 1,000 تيراواط/ساعة، متجاوزًا الاستهلاك السنوي للكهرباء في دول بأكملها مثل ألمانيا أو اليابان.
أدت هذه الفجوة بين النية والتأثير إلى زيادة التدقيق، حيث بدأ البعض في التشكيك فيما إذا كانت جهود الاستدامة التي يبذلها الذكاء الاصطناعي تقلل بالفعل من التأثير البيئي أم أنها مجرد سردية استراتيجية تستخدمها المنظمات لتحسين صورتها العامة.
ولكن في خضم هذه الأزمة المتعلقة بالمصداقية، ظهر حل غير متوقع، وهو الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (Artificial Intelligence for IT Operations - AIOps). من خلال دمج تتبع انبعاثات الكربون في الوقت الفعلي والتحسين الآلي مباشرة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، تقوم (AIOps) بتحويل الاستدامة من مجرد شعار تسويقي إلى مقياس قابل للقياس. في حين أنه للمرة الأولى، لا تستطيع الشركات أن تزعم أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها صديق للبيئة فحسب بل يتعين عليها إثبات ذلك.
التكلفة الخفية للذكاء الاصطناعي الأخضر
فبعيدًا عن الاستهلاك المذهل للكهرباء، يمتد التأثير البيئي الحقيقي للذكاء الاصطناعي إلى أعماق البنية التحتية. كل تقدم جديد في قدرات الذكاء الاصطناعي يتطلب أجهزة أكثر قوة، وعمليات تدريب أكثر شمولاً، ونشرًا أكثر تعقيدًا. فقد أدى الطلب على نماذج الذكاء الاصطناعي الأكبر إلى تفاقم نقص الرقائق عالميًا، الناجم عن مشكلات في سلاسل الإمداد، ومتطلبات الطاقة للحوسبة واسعة النطاق، والقضايا الجيوسياسية. حتى ادعاءات مزودي خدمات الحوسبة السحابية بالعمل على الطاقة المتجددة غالبًا ما تخفي حقيقة مفادها أن الأحمال القصوي للذكاء الاصطناعي تجبرهم على اللجوء إلى مصادر الوقود الأحفوري خلال فترات ارتفاع الطلب.
هذه الفجوة بين النية والتأثير تؤكد على قضية نظامية: بدون أدوات لقياس وتقييم وتخفيف بصمة الذكاء الاصطناعي الكربونية، تصبح حتى المبادرات ذات النوايا الحسنة مجرد أداء شكلي. ومن بين تلك الأمثلة الرئيسية على ذلك، المملكة العربية السعودية حيث استثمرت 92.90 مليار ريال سعودي (24.8 مليار دولار) في البنية التحتية الرقمية منذ عام 2017 الأمر الذى غذى النمو الهائل في مراكز البيانات والخدمات السحابية. وقد أدى هذا التوسع السريع إلى جعل مدى كفاءة الطاقة وتتبع الكربون في صدارة الأولويات الوطنية، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى حلول قوية للقياس والتخفيف.
(AIOps): الجسر بين الوعود والتقدم
تطورت منصات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps)، التي صُممت في الأصل لتبسيط عمليات تكنولوجيا المعلومات، لتصبح أدوات لا غنى عنها لتحقيق المساءلة المناخية. من خلال دمج المقاييس البيئية في تحليلاتها، تقدم هذه الأنظمة ثلاث قدرات تحويلية:
1. تتبع انبعاثات الكربون في الوقت الفعلي: تراقب منصات (AIOps) الحديثة الانبعاثات على مستوى أحمال العمل، مما يوفر رؤى مفصلة حول التطبيقات أو العمليات أو الخدمات الأكثر استهلاكًا للكربون. تدمج هذه المنصات عدادات الطاقة ومزودي خدمات الحوسبة السحابية وأجهزة الاستشعار لحساب الانبعاثات باستخدام نماذج متوافقة مع معايير الصناعة مثل بروتوكول الغازات الدفيئة، وهذا يسمح للشركات باتخاذ إجراءات فورية، مثل تعديل تخصيص الموارد بشكل ديناميكي، أو نقل أحمال العمل إلى مراكز بيانات تعمل بالطاقة المتجددة، أو تنفيذ أوضاع التشغيل منخفضة الطاقة خارج ساعات الذروة. وانعكاسًا لهذه الإمكانات التكنولوجية على نطاق واسع، تقود مبادرة السعودية الخضراء، أكثر من 85 مبادرة والتي تركز على البنية التحتية الذكية وخفض الانبعاثات، كما تستهدف خفضًا كبيرًا في انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، مما يؤكد قوة استراتيجيات الاستدامة القائمة على البيانات.
2. التعويض الآلي لانبعاثات الكربون: تتجاوز قدرات (AIOps) التشخيص لتصل إلى اتخاذ الإجراءات ، بينما يظل الشراء الآلي الكامل لتعويضات الكربون طموحًا مستقبليًا، فإن المنصات الحالية توفر تتبعًا متطورًا للانبعاثات مما يسهل اتخاذ قرارات التعويض الاستراتيجية. وتمثل لوحة بيانات انبعاثات Azure من Microsoft و أداة البصمة الكربونية (Carbon Footprint) من Google Cloud خطوات مبكرة في هذا التطور، حيث تقدم بيانات تفصيلية عن الانبعاثات يمكن للشركات استخدامها لتوجيه استراتيجيات التعويض الخاصة بها. تمكن هذه الأدوات المؤسسات من فهم البصمة الكربونية الخاصة بها في الوقت الفعلي تقريبًا، على الرغم من أن التدخل اليدوي لا يزال مطلوبًا لعمليات الشراء التعويضية. تعهدت مايكروسوفت بأن تصبح ذات انبعاثات كربونية سلبية بحلول عام 2030 يوضح كيف يمكن للشركات استخدام هذه الرؤى لدفع استراتيجيات الاستدامة الشاملة.
3. مراجعات كفاءة الكود: تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps) على تحليل البرمجيات لتحديد أوجه القصور في استهلاك الطاقة مع تحديد الأكواد التي تستهلك طاقة حوسبية مفرطة. يمكن لهذه الأنظمة اكتشاف الخوارزميات غير المحسّنة، أو الحلقات الزائدة، أو استعلامات قواعد البيانات غير الفعّالة، مما يساعد المطورين على تحسين تطبيقاتهم لتحقيق الاستدامة. على سبيل المثال، تقوم أداة CodeCarbon من مايكروسوفت بتحليل الكود لتحديد الأنماط التي تستنزف الطاقة وتقدم للمطورين ملاحظات قابلة للتنفيذ. من خلال دمج مثل هذه الأدوات في خطوط DevOps، يمكن للشركات ضمان أن تصبح الاستدامة اعتبارًا أساسيًا في كل مرحلة من مراحل تطوير البرمجيات.
الإلتزام بالشفافية
لكي تقوم (AIOps) بإضفاء الشرعية على جهود قطاع التكنولوجيا تجاه المناخ، يجب على الشركات اعتماد الشفافية الجذرية. يبدأ ذلك بالإفصاح عن استهلاك الطاقة لمنصات الذكاء الاصطناعي التشغيلي نفسها – فإذا كانت الأداة المخصصة لتقليل الانبعاثات تستهلك طاقة مفرطة، تصبح جزءًا من المشكلة.
فيجب على المزودين نشر تدقيقات طرف ثالث للتحقق من كفاءة أنظمتهم وتأثيرها البيئي. بالإضافة إلى ذلك، فإن إزالة الغموض عن الخوارزميات أمر بالغ الأهمية؛ فالأدوات ذات الطبيعة الخفية "الصندوق الأسود" تقوض الثقة، لذا فإن اعتماد إطار عمل مفتوح المصدر أو مبادئ الذكاء الاصطناعي القابل للشرح (XAI) يضمن أن يفهم أصحاب المصلحة كيفية اتخاذ القرارات – مثل شراء تعويضات الكربون.
وأخيرًا، على الرغم من قوة الأتمتة وأهميتها، فإن الإشراف البشري يظل ضروريًا. يجب على فرق العمل مراجعة توصيات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps) لضمان توافقها مع الأهداف البيئية والواقع التشغيلي، مع تحقيق التوازن بين الكفاءة والأخلاقيات. بدون هذه الخطوات، قد تصبح (AIOps) طبقة إضافية من الغموض في المعركة من أجل الاستدامة.
كيف يمكن للمؤسسات دمج (AIOps) في ممارسات استدامة تكنولوجيا المعلومات
● تقييم البصمة الكربونية الحالية لتكنولوجيا المعلومات: قم بإجراء تدقيق شامل للاستدامة لتحديد مجالات الاستهلاك العالي للطاقة ووضع معايير للتحسين.
● تنفيذ أدوات (AIOps): اختر منصات (AIOps) التي تتضمن تتبعًا للكربون، وتحسينًا ذكيًا لأحمال العمل، وإمكانيات تعويض آلي لتبسيط جهود كفاءة الطاقة.
● تحديد أهداف واضحة للاستدامة: تحديد أهداف قابلة للقياس لخفض الانبعاثات بما يتماشى مع استراتيجية تكنولوجيا المعلومات الشاملة والسياسات البيئية.
● المراقبة والتكيف: تحليل مستمر لرؤى (AIOps) لتحسين السياسات وتحسين استخدام الطاقة ودمج أفضل ممارسات الاستدامة عبر عمليات تكنولوجيا المعلومات.
● ضمان الشفافية والامتثال: نشر تقارير الاستدامة التفصيلية بشكل منتظم، وضمان الامتثال للوائح البيئية العالمية، وإبلاغ التقدم المحرز إلى أصحاب المصلحة.
دور "مانيج إنجن" في تعزيز استدامة (AIOps)
المسار المستقبلي محدد: يجب على الشركات أن تتجاوز التعامل مع التأثير البيئي كمجرد ممارسة تسويقية وأن تدمج الاستدامة في جوهر عملياتها التشغيلية. وتوفر حلول (AIOps) الإطار اللازم لهذا التحول، ولكن في النهاية، يقع على عاتق قادة التكنولوجيا إثبات جديتهم في سد الفجوة بين الوعود الخضراء والتقدم الحقيقي.
وتعتبر "مانيج إنجن" مثالًا يحتذى به، من خلال الجمع بين الأتمتة الذكية وإمكانية المراقبة العميقة، وتعمل منصات (AIOps) التابعة لـ "مانيج إنجن" على تمكين فرق تكنولوجيا المعلومات من تحديد الحجم المناسب لأعباء العمل، ومنع التوسع غير الضروري في الموارد، وكذلك توسيع نطاق البنية التحتية بما يتماشى مع الطلب، وأيضًا حل المشكلات التي تهدر الطاقة بشكل استباقي. فهذه القدرات لا تعمل على تعزيز الكفاءة التشغيلية فحسب، بل تساعد أيضًا في تقليل الانبعاثات على نطاق واسع.
ويصبح هذا أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص في بيئات مراكز البيانات، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع استهلاك الطاقة وعدم الكفاءة التشغيلية إلى زيادة التكاليف والانبعاثات الكربونية. ويتطلب ضمان التشغيل المستدام في هذه البيئات الالتزام الصارم بأفضل الممارسات الحرارية - وأبرزها إرشادات الجمعية الأمريكية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء (ASHRAE). تدعم أدوات (AIOps) من "مانيج إنجن" هذا الجهد من خلال المراقبة المستمرة للمقاييس البيئية والبنية التحتية الرئيسية مثل درجة الحرارة، وكفاءة استخدام الطاقة (PUE)، ومعدلات استخدام الخوادم، وتدفق الهواء، وغيرها. وعندما يظهر أي خلل، سواء كان ارتفاعًا حادًا في درجة الحرارة، أو استهلاكًا غير طبيعي للطاقة، أو نمط تبريد غير فعال، يعمل النظام على تشغيل عمليات المعالجة تلقائيًا لحل المشكلة.
ومن خلال الرؤى القابلة للتنفيذ والأدوات المبتكرة والالتزام بالشفافية، تعمل "مانيج إنجن" على تمكين المؤسسات من مواءمة عمليات تكنولوجيا الملعومات الخاصة بها مع أهداف الحياد الكربوني العالمي، كما تجعل حلول (AIOps) الاستدامة أولوية قابلة للقياس والتحقيق مما يسد الفجوة بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية البيئية.
منذ شهر . مقالات

الاقتصاد السلوكي لإدارة كلمات المرور في المؤسسات
بقلم: "نيريش سوامي"، محلل المؤسسة لدى شركة "مانيج إنجن"
عندما يُسأل المرء عن كيفية بدء يوم عمل عادي، فمن المرجح أن تشمل إجابته الأنشطة المعتادة مثل الاستيقاظ، تحضير القهوة، أو ربما تصفح الأخبار بسرعة. لكن في عالم ما بعد الجائحة حيث أصبح العمل عن بُعد شائعًا، فإن "تسجيل الدخول" إلى العمل أصبح جزءًا لا مفر منه من الروتين.
مختبئًا في هذا الفعل الروتيني حقيقة خالدة غالبًا ما نغفل عنها. إنه جزء من طقس حديث يؤديه كل موظف بهدوء وبشكل تلقائي، كما لو كان ذاكرة عضلية—طقوس تعتمد عليه المؤسسات في كل مكان، و يومًا بعد يوم لحماية نزاهة وسلامة أعمالها.
ليس الأمر مبهرجًا، ونادرًا ما يتم التشكيك فيه. لكنه يُحدد خط الدفاع الأول لأمن المؤسسات: إنه روتين "كلمة المرور".
بينما يُعد روتين استخدام "كلمة المرور" أمرًا بالغ الأهمية للمؤسسات، إلا أنه بالنسبة للموظفين مجرد جزء من الروتين اليومي الممل، أمر ثانوي يُدفع بين دعوات التقويم وإعادة ملء القهوة، مدفوعًا أكثر بالعادة وليس بفهم واعٍ لتأثيراته الأمنية.
الفن الدقيق لاختيار كلمة المرور
إذن هكذا تسير الأمور، أليس كذلك؟
عندما تنضم إلى مؤسسة ما، يتم إضافتك إلى شبكتها الداخلية. على الفور، يُطلب منك اختيار "كلمة مرور" ستستخدمها لتسجيل الدخول إلى العمل، سواء عن بُعد أو غير ذلك.
لنكن صادقين، في هذه اللحظة بالذات، كم منا يُفضل أمن المؤسسة على راحته اليومية؟
نعم، هناك سياسات مؤسسية تفرض عليك اختيار كلمات مرور معقدة. لكن لنواجه الأمر، معظمنا يختار أقرب اختصار ذهني—نفس كلمة المرور التي استخدمناها لسنوات في أماكن أخرى، مع تعديلها بالكاد لتلبية الحد الأدنى من المتطلبات، وغالبًا ما تكون مكتوبة في مكان ما.
حسنًا، لنفترض أننا نفعل هذا في الروتين المؤسسي حيث نسيان كلمة المرور يمثل مشكلة، لأن هناك سياسات امتثال يجب اتباعها، وإجراءات إعادة تعيين، ودعم فني يجب التعامل معه. في بيئة عمل بيروقراطية كهذه، إعادة استخدام "كلمة مرور" سهلة التذكر يبدو منطقيًا إلى حد ما. ومع ذلك، نحن ننقل نفس السلوك إلى حياتنا الشخصية، حيث الدعم محدود وعواقب الاختراق يمكن أن تكون أكثر شخصية، ومع ذلك نختار الراحة على الأمان.
نحن نعلم أن إعادة استخدام نفس "كلمة المرور" أمر سيء. إذن، لماذا لا نزال نفعل ذلك؟
تميل المؤسسات إلى التغاضي عن هذا النمط السلوكي الأساسي وتستجيب بدلاً من ذلك بإضافة طبقات من تدريبات الامتثال وبروتوكولات الأمن الصارمة فوق روتين "كلمات المرور" المرهق بالفعل. هذا لأنها غالبًا ما تتعامل مع سوء استخدام "كلمات المرور" من قبل الموظفين على أنه مشكلة معرفية. تفترض أنه إذا كان الموظفون أكثر دراية، فسيمارسون عادات أفضل في إدارة كلمات المرور.
لكن الأمر ليس كذلك. هذا السلوك ناتج عن تحيزات معرفية عميقة تدفعنا نحو اتخاذ قرارات تعبر عن حذرنا تجاه أي شيء خارج حدود المألوف.
العقلانية المحدودة
"الجيد بما يكفي هو ما يكفي".
تقترح هذه الفكرة أنه عندما يكون الناس مقيدين بحدود مثل الوقت، المعلومات، والموارد المعرفية، فإنهم لا يسعون لاتخاذ القرار المثالي، بل يختارون قرار مُرضٍ.
نحن لا نحاول أن نخطئ في الأمن. نحن ببساطة نحاول إنجاز عملنا. إدارة "كلمات المرور" مرهقة ذهنيًا، لذلك نلجأ إلى اختصارات مثل الملء التلقائي للمتصفح أو إعادة استخدام كلمات المرور. هذا ليس كسلًا، بل مجرد مقايضة فعالة في حسابنا الذهني للفوائد والتكاليف.
الاستدلال التوافقي
"إذا تذكرته، فلا بد أنه صحيح".
يشير هذا التحيز المعرفي إلى أن الناس يتحققون من صحة أو أمن شيء ما بناءً على مدى سهولة تذكرهم لمثال أو معلومة تبرره. كلما كان المثال أكثر حداثة أو شخصية، شعر الناس أنه أكثر أمانًا بغض النظر عن الأدلة الفعلية.
نحن ندير كلمات المرور بنفس الطريقة التي ندير بها الذكريات: بالاعتماد على ما هو أسهل للتذكر. لذلك نتمسك بتنويعات نفس "كلمة المرور" أو نعيد استخدامها من حسابات أخرى. لا نختار هذه الكلمات لأنها آمنة (وهي ليست كذلك)، بل لأنها متاحة معرفيًا. نحن نساوي بين القابلية للتذكر والأمان، حتى عندما يجعلنا ذلك أكثر عرضة للخطر.
تجنب الخسارة
"أفضل ألا أفقد الوصول بدلاً من جعله أكثر أمانًا".
يشير هذا المبدأ المعرفي إلى أن الناس يشعرون بألم الخسارة بشكل أكثر وضوحًا من متعة المكاسب المحتملة.
بالنسبة للعديد من المستخدمين، يبدو الخوف من الحظر خارج الحساب أكثر إلحاحًا من خطر التعرض لهجوم إلكتروني. هذه القلق يدفع عادات مثل كتابة كلمات المرور، أو إعادة استخدام كلمات المرور من الحسابات الشخصية، أو استخدام الإعدادات الافتراضية للنظام. ليس الأمر أن الناس لا يفهمون المخاطر، بل أن الحاجة إلى الوصول غير المنقطع تفوق غالبًا وعد الحماية طويلة المدى.
توقع قرارات مثالية من القوى العاملة في ظروف غير مثالية غالبًا ما يكون عديم الجدوى. إذا كان السلوك الآمن يشعر وكأنه عبء، فهذا يعني أن النظام لم يُصمم بأخذ الناس في الاعتبار. بينما يمكن غرس ممارسات الأمن من خلال فيديو تدريبي، إلا أن المسؤولية لا تتوقف عند هذا الحد.
سد الفجوة بين المألوف والأمن
لدعم السلوك الآمن على نطاق واسع، يجب على المؤسسات أن تزيل عبء إدارة كلمات المرور من أيدي الموظفين. تحتاج المؤسسات إلى تقليل احتمالية الخطأ البشري وتجاوز التحيزات التي تؤدي إلى إرهاق "كلمات المرور"، أو إعادة استخدامها، أو تخزينها بشكل غير آمن. أفضل طريقة لمنع السلوكيات الخطيرة في كلمات المرور هي إزالة الحاجة إليها تمامًا.
اعتماد أدوات المصادقة التي تتيح استخدام مفاتيح المرور (Passkeys)، والمصادقة الموحدة (SSO)، والروابط السحرية (Magic Links) يزيل نقاط الاحتكاك حيث يعاني المستخدمون عادةً.
تمثل مفاتيح المرور (Passkeys) تحولًا في السلوك الافتراضي. بدلاً من إجبار المستخدمين على تذكر أو إدارة بيانات الاعتماد، تستخدم مفاتيح المرور مفاتيح تشفير مرتبطة بالجهاز تتم مزامنتها بأمان عبر الأجهزة. و في الأماكن التي لا يمكن تطبيق مفاتيح المرور فيها، يمكن تمكين المصادقة الموحدة (SSO) للوصول عبر المؤسسات. تبسط المصادقة الموحدة الوصول عبر المنصات باستخدام بيانات اعتماد واحدة أو نقطة مصادقة واحدة. من خلال توحيد تسجيل الدخول، لا يتعين على المستخدمين التعامل مع العشرات من نقاط الدخول.
للتخلص من التحيزات التي تتداخل مع إدارة كلمات المرور، يمكن للمؤسسات الاستفادة من خزائن مفاتيح المرور التي تلغي الحاجة إلى إدارة كلمات المرور من قبل الفرد. بمجرد أن تصبح هذه الأنظمة في مكانها، يمكن للمؤسسات بعد ذلك، من خلال التدريب الذي يعزز المشاركة القائمة على القيمة، أن تظهر للموظفين كيف تجعل هذه الأنظمة الأمن يسير جنبًا إلى جنب مع الإنتاجية.
هذه الترقيات تتجاوز العقلانية المحدودة من خلال إزالة الضغط الذهني لإدارة الوصول تحت الضغط، لأنه كلما قل عدد القرارات التي يحتاج الناس إلى اتخاذها، قل عدد الفرص التي يستقرون فيها على أي شيء يمكنهم من إكمال يومهم. وعندما لا يوجد شيء لتذكره، لا يوجد مجال لتحيز التوافر لخلق وهم الأمن. يختفي الخيار، وبالتالي يختفي الخطر. بالنسبة للمستخدمين الذين يخشون من فقدان الوصول أكثر من الاختراق، هذا تحول مهم، لأنهم الآن يحصلون على الأمن دون التضحية بالوصول.
عندما تتبنى المؤسسة ضوابط من هذا النوع تزيل الاعتماد على التحيزات المعرفية للمستخدم، فإنها لا تنفذ فقط إجراءً أمنيًا، بل تقوم بتدخل سلوكي. إنها تقضي على نقاط القرار حيث تسير الأمور بشكل خاطئ، حيث يختار الناس ما هو سهل وليس ما هو صحيح.
ضمان مواكبة السياسات المؤسسية للتكنولوجيا
لا يمكن الاعتماد على التكنولوجيا وحدها للانتقال إلى مؤسسة آمنة حقًا. يجب أن ينعكس هذا أيضًا على مستوى السياسات. غالبًا ما يترك الوصول المشترك التقليدي عندما يتعلق الأمر بالوصول المميز إلى الأنظمة الحرجة إلى وجود فجوات. على سبيل المثال، في الحالات التي تكون فيها مهام الصيانة المجدولة مطلوبة على نقاط نهاية النطاق الحرجة، يعتمد الموظفون على بيانات الاعتماد المشتركة أو عمليات الموافقة اليدوية، حيث تؤدي الاختصارات المعرفية إلى حسابات ذات صلاحيات زائدة وحقوق وصول راكدة.
لمواجهة هذا، تتجه المؤسسات بشكل متزايد إلى مشاركة الوصول بدون "كلمات مرور" من خلال حلول إدارة الوصول المميز (PAM). تعمل هذه الحلول على تبسيط العملية من خلال منح الحقوق وسحبها ومراجعتها تلقائيًا بناءً على السياسات المحددة مسبقًا. تضمن حلول PAM أن كل وصول يكون في الوقت المناسب ودقيق النطاق، مما يلغي الحاجة إلى التدخل البشري.
ومع ذلك، حتى أفضل الحلول التقنية لا يمكنها التغلب على سياسات غير متوافقة.
في هذا السياق، يظهر الذكاء الاصطناعي كعامل تمكين حاسم في طبقة السياسات المؤسسية. مسؤولو تكنولوجيا المعلومات المكلفون بالإشراف على الوصول المميز هم أيضًا بشر ويخضعون لتحيزات معرفية مماثلة، مما قد يؤدي إلى منح الوصول بناءً على حالات سابقة. ومع ذلك، في بعض الأحيان قد يكون لدى المستخدمين المميزين أذونات لم يستخدموها أبدًا، مما قد ينزلق تحت الرادار، مما يؤدي إلى امتيازات راكدة.
عندما يتم إدخال الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة لاقتراح سياسات وصول مميز ديناميكية بناءً على تقييمات المخاطر في الوقت الفعلي وللكشف عن السلوك غير الطبيعي، فإنه يعالج هذه التدخلات المعرفية غير الضرورية.
إدراك العبثية في إدارة كلمات المرور المؤسسية
في أسطورة "سيزيف"، يحكي "ألبير كامو" قصة عبثية عن رجل محكوم عليه بدفع صخرة إلى أعلى التل إلى الأبد، فقط لمشاهدتها تتدحرج إلى الأسفل في كل مرة. يستخدم كامو هذه الصورة لاستكشاف كيف، حتى في المهام المتكررة والتي تبدو بلا معنى، نبحث عن الهدف.
بطرق عديدة، تبدو تفاعلاتنا اليومية مع بروتوكولات الأمن، سواء كانت كلمات مرور، أو مطالبات تسجيل الدخول، أو تدريبات التصيد الاحتيالي، أو قوائم المراجعة الامتثالية، مشابهة جدًا لعبء "سيزيف". من المتوقع أن نبقى متيقظين، ونتبع قائمة متزايدة من القواعد، ونواكب عملنا الفعلي. لكن الناس لا يعملون بشكل جيد تحت الضغط المستمر. مع مرور الوقت، يبدأ التعب، تتولى العادات زمام الأمور، ونبحث عن حلول بديلة، ليس لأننا لا نهتم، بل لأنها طبيعة بشرية.
الحل ليس إضافة المزيد من التعقيد؛ بل إعادة التفكير في النظام. أدوات مثل مفاتيح المرور، والمصادقة الموحدة، وإدارة الوصول المميز، والذكاء الاصطناعي لا تحسن الأمان فحسب، بل هي تصحيحات فلسفية. إنها تعفي الفرد من هذه العبثية. عند القيام بذلك، تختفي الصخرة، ويبقى نظام مصمم ليعكس واقع العمليات الفكرية والقدرات المعرفية للناس.
-إنتهى-
منذ شهرين . مقالات

ميناء فريحة السعيد: ذاكرة الزبارة النابضة وشريانها البحري
بقلم: محمد الجمعة الظفيري
مقابلة خاصة مع الباحث التاريخي والمؤرخ: فارس بن جاسم السعيدي
في قلب الخليج العربي، وعلى الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة قطر، ازدهرت مدينة الزبارة، المدينة التي كانت ذات يوم منارة تجارية وثقافية في المنطقة. ومن بين معالمها البارزة، يبرز ميناء فريحة السعيد كرمز نابض بالحياة، ليس فقط كمرفأ للسفن، بل كبوابة بحرية تاريخية وثقافية ساهمت في تشكيل ملامح المدينة والهوية الخليجية عامة.
الميناء… أكثر من مجرد مرسى
يشير الباحث التاريخي فارس بن جاسم السعيدي إلى أن ميناء فريحة السعيد لم يكن مجرد نقطة رسو، بل كان قلبًا نابضًا للزبارة. “كان الميناء بمثابة البوابة الأولى للقادمين إلى المدينة. فمنه تبدأ رحلة الزائر في اكتشاف الزبارة، وتاريخها، وروحها المضيافة”، يقول السعيدي.
استقبل الميناء على مر السنين بحّارة وتجارًا من الهند وشرق أفريقيا وسواحل الخليج العربي، ما جعله نقطة التقاء لثقافات متعددة ومركزًا مهمًا لتبادل السلع والخبرات والحكايات.
آل سعيد… أسطول وفخر بحري
يرتبط الميناء ارتباطًا وثيقًا بـ أسطول آل سعيد، أحد أبرز الأساطيل البحرية التقليدية في الخليج. كان هذا الأسطول يتكوّن من سفن شراعية صنعت يدويًا مثل: البوم، الجلبوت، السنبوك، البغلة، البقّارة، البتيل، الشوعي. كانت هذه السفن تجوب البحار من الهند إلى شرق أفريقيا، حاملةً البضائع الثمينة.
“كل سفينة كانت تحمل قصة، وحياة، وحلمًا بالرزق”، يقول السعيدي، مضيفًا أن تلك السفن لم تكن فقط وسيلة نقل، بل مرآة تعكس هوية وثقافة سكان الخليج وعلاقتهم بالبحر.
ويضيف السعيدي: “لم تكن كل السفن تجارية فحسب، بل إن بعضًا منها شارك في معارك و مهمات بحرية وتحول من مجرد وسيلة نقل إلى أداة دفاع وحماية. لقد أثبتت هذه السفن قدرتها على التكيّف مع المتغيرات، وكانت رمزًا للمرونة والقوة في آنٍ واحد.”
وها هو اليوم يُحيي هذا المجد المتوارث عبر الأجيال، حيث بادر شيخ قبيلة السعيد ، الشيخ الدكتور جاسم السعيدي بتوزيع هدية رمزية تحمل مجسم “سفن آل سعيد” على الشخصيات المهمة، تجسيدًا لاعتزازه بالإرث، وتأكيدًا على استمرارية هذا التاريخ البحري العريق كرمز للفخر والانتماء.
من عظمة الميناء إلى صمت البحر: رحلة التراجع التجاري
في فترة ازدهار الميناء، كانت السفن التجارية تمتد لتصل إلى الخليج العربي والهند والعراق وأفريقيا وغيرها من المناطق. كان آل سعيد يملكون نحو 37 سفينة، مما يعكس النشاط التجاري الكبير الذي كانت تشهده المنطقة. كانت هذه السفن تشكل شبكة واسعة من التجارة التي تربط المنطقة بمختلف أنحاء العالم، وكانت تلك الحقبة تمثل ذروة النشاط التجاري والازدهار الاقتصادي.
لكن هذا الازدهار لم يدم طويلاً، حيث انخفض عدد السفن تدريجيًا ليصل إلى 37 سفينة فقط. يفسر الباحث السعيدي هذا التراجع بعدة عوامل، أبرزها كساد تجارة اللؤلؤ التي كانت تشكل مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الكبرى التي فرضتها سنة الطبعة، والتي تركت آثارها على حركة التجارة في المنطقة.
مع مرور الوقت، استمر تراجع النشاط التجاري، ليقتصر العدد لاحقًا على أربع سفن فقط. وقد كانت هذه السفن ملكًا للشيخ عبدالكريم بن مبارك بن محمد السعيدي، الذي ورثها أبناؤه. وعلى الرغم من قلة عددها، فإن تلك السفن حافظت على صيتها وسمعتها حتى يومنا الحالي. وكانت تحمل أسماء ذات دلالة كبيرة مثل: مصيحة، العييلة، كامل الزين، والتيسير.
تظل هذه السفن شاهدًا على رحلة تراجع التجارة من العظمة إلى الصمت، وتاريخًا يعكس التحديات الاقتصادية التي مرت بها المنطقة، وتاريخًا حافلًا بالأحداث والتطورات التي شكلت جزءًا من هوية هذه الأماكن.
مركز اقتصادي واستراتيجي
لعب الميناء دورًا محوريًا في تزويد الزبارة باحتياجاتها، خاصة في ظل وعورة الطرق البرية آنذاك. فكل ما كانت تحتاجه المدينة من أغذية وبضائع كان يأتي عبر البحر. كما ساهم الميناء في تحفيز الصناعات المحلية كصناعة السفن وصيد الأسماك، مما جعل الزبارة مركزًا اقتصاديًا متقدمًا في زمانها.
الحياة اليومية في فريحة السعيد
يصف السعيدي الحياة حول الميناء بأنها كانت لا تهدأ. العائلات كانت تترقب عودة السفن، والتجار يتبادلون الأحاديث، والصيادون يبيعون ما جاد به البحر، بينما كان الأطفال يملأون المكان بضحكاتهم. كان الميناء أيضًا مصدرًا للأخبار، حيث كانت السفن تجلب الرسائل والمستجدات من وراء البحار قبل وصول وسائل الاتصال الحديثة.
ذاكرة لا تموت
رغم مرور الزمن، لا يزال ميناء فريحة السعيد حاضرًا في ذاكرة أهل الزبارة كرمز لعصر من الازدهار والتواصل البحري. يقول السعيدي: “ربما اختفت بعض ملامح الميناء، لكن اسمه وتاريخه ما زالا حيّين في الذاكرة الشعبية، كجزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة وتراثها”.
لقد كان الميناء تجسيدًا لعلاقة أهل الخليج بالبحر: علاقة محبة، كفاح، ومغامرة. واليوم، حين يُذكر اسم فريحة السعيد، تتردد في الأذهان صور لسفن شامخة، وأناس بسطاء ربطتهم أمواج البحر أكثر من اليابسة.
منذ شهرين . مقالات

معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد آل خليفة: رمز الوفاء والولاء الوطني
في حوارٍ أجراه الصحفي محمد الجمعة الظفيري، عبّر السيد فارس بن جاسم السعيدي، مدير مكتب المجلس العربي للمثقفين والأكاديميين للسلام والتنمية في مملكة البحرين، عن اعتزازه وفخره بشخصية وطنية بارزة، وهي معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد بن علي آل خليفة، الذي يُعد من أبرز رموز الإخلاص والعطاء في خدمة الوطن والمجتمع.
⸻
مسيرة وطنية حافلة بالعطاء
لم تقتصر مكانة معالي الشيخ إبراهيم على أدواره السياسية والاجتماعية، بل تجلت في مسيرة مشرفة غنية بالقيم والمبادئ، حيث كان مثالًا للوفاء والتفاني. رؤيته الوطنية انعكست في أفعاله ومواقفه، فكان مصدر إلهام لكل من تعامل معه، بفضل حسه الوطني العميق الذي جعله حاضرًا في كل ميدان يخدم البحرين وأهلها.
كلمات تُجسّد الانتماء الأصيل
من بين المواقف التي لا تُنسى، يروي السيد فارس السعيدي:
“في لقاء شخصي جمعني بمعالي الشيخ، قال لي:
أنتم أهلي وعزوتي وربعي، ونحن معكم منذ سنين طويلة. فريحة آل سعيد جمعتنا، وهذه المنطقة معروفة، وتاريخكم مشهود، وأنتم أهلنا وعزوتنا.
لم تكن هذه الكلمات مجرّد مجاملة عابرة، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن انتماء أصيل ينبع من تاريخ مشترك يجمعنا .
⸻
ثقة الشعب… تقدير مستحق
فوز معالي الشيخ إبراهيم في انتخابات المجلس الوطني عام 1973 لم يكن محض صدفة، بل جاء نتيجة ثقة راسخة من الشعب، وتقديرًا لعطائه الوطني المخلص. لم يسعَ يومًا إلى المنصب من أجل مصالح شخصية، بل كان همه الأول خدمة الوطن والمواطنين.
⸻
وفاء قلّ نظيره
عُرف معاليه بوفائه الكبير، لا سيما تجاه أصدقائه والمقربين، وعلى رأسهم الشيخ جاسم بن أحمد السعيدي، خال أبنائه، الذي كانت تربطه به علاقة وطيدة مبنية على الاحترام والمودة. وعندما قرر الشيخ جاسم خوض انتخابات 2002، لم يتردد معالي الشيخ إبراهيم في دعمه، وسانده بحضوره الشخصي وبأبنائه، في موقف يعكس أسمى معاني الأخوّة والوفاء.
⸻
لمسات إنسانية تبقى في الذاكرة
من المواقف الإنسانية المؤثرة التي يذكرها السيد فارس، حضور معالي الشيخ إبراهيم مراسم دفن السيدة سارة بنت فارس العيد، جدة السيد فارس ووالدة الشيخ جاسم السعيدي، حيث عبّر عن مشاعره بكلمات مؤثرة:
“أمنا سارة هي أم الرفاع جميع.”
كلمات صادقة وموقف إنساني ترك أثرًا عميقًا في النفوس، وأظهر قربه الحقيقي من الناس ومشاركته لهم في أحزانهم وأفراحهم.
⸻
عطاء يتجاوز السياسة
لم تقتصر جهود معالي الشيخ إبراهيم على الجانب السياسي، بل امتدت لتشمل دعم الشباب والرياضة، حيث كان راعيًا للعديد من البطولات والأنشطة المجتمعية. وتقديرًا لهذا الدعم المستمر، أطلق الشيخ الدكتور جاسم السعيدي اسمه على إحدى البطولات السنوية، تكريمًا لما قدمه من جهود مخلصة في خدمة الوطن والمجتمع.
⸻
رؤية وطنية تتجاوز اللحظة
تمتّع معالي الشيخ إبراهيم برؤية وطنية شاملة، مكنته من استشراف احتياجات المجتمع والتفاعل معها بكل إخلاص. كان صوته صوت المواطن، وعمله امتدادًا لنبض الشارع، لا يتوانى عن بذل الجهد في سبيل رفعة البحرين.
⸻
الختام: قدوة تتناقلها الأجيال
إن سيرة معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد آل خليفة ستظل منارة يُهتدى بها، ونموذجًا يُحتذى في الوطنية والوفاء. فنجاحه لم يكن نهاية المطاف، بل بداية لمسيرة متواصلة من العطاء، ستبقى محفورة في ذاكرة الوطن كرمزٍ للولاء، وشريكٍ في نهضة البحرين وازدهارها .
منذ شهرين . مقالات