
اكتشف عُمان تجارب إستثنائية لا تنسى
29 أكتوبر 2024 - 21:18
كتب : رشاد اسكندراني
بقلم / معتز قدح
في بادرة ليست بمستغربة وبجهود حثيثة من وزارة التراث والسياحة العمانية تم استضافتنا في سلطنة عمان الحبيبة ضمن فعاليات اكتشف عمان "برنامج المغامرة " و بمشاركة خمس شركات سياحية رائدة من المملكة وجآئت هذه المبادرة امتدادًا للتعاون الفعال بين الشركات السياحية في المملكة ووزارة السياحة والتراث العمانية.
وكما هيا العادة تم استقبالنا في اليوم الأول من الأشقاء في السلطنة بحفاوة كبيرة و مشاعر فرح رائعة تدل على الرقي في التعامل والجودة في تقديم الخدمة السياحية.
ولأن سلطنة عُمان هي أرض المغامرات ، استمتعنا كثيرًا بالأجواء والمناظر الخلابة في الجبل الأخضر بدءاً من تناول وجبة الإفطار في مقهى يقع وسط مزارع "بركة الموز " ثم اتجهنا الى "فلج الختمين " لاستكشاف نظام الري بالافلاج القديم وهو احد مواقع اليونسكو.
ثم انتقلنا الى "منتجع انانتارا في الجبل الأخضر " المنتجع الخلاب والمغرق بالرفاهية وسط الجبال الخضراء الأسطورية ، حيث يُعد أحد أعلى المنتجعات في العالم،
وبعد ذألك اتجهنا الى طريق الجبل الأخضر لاكتشاف الوجهات الخلابة والمزارع المتدرجة الجميلة , المشهورة بالورد و الرمان.
ثم في صباح اليوم الثاني بدأنا بمغامرة فيا فيراتا المبهجة وتنقلنا بن المنحدرات عند شروق الشمس و استمتعنا بالمناظر الخلابة للجبال والوديان المحيطة ، ثم قمنا بزيارة قرية السوجره الجميلة .
وفي اليوم الثالث قمنا بجولة نزوى ثم في نهاية الجولة وصلنا الى مخيم الف ليلة وليلة الصحراوي الهادئ والجميل للمبيت فيه.
ومع صباح اليوم الرابع للفعالية اتجهنا إلى استكشاف وادي بني خالد الجميل وهو أحد أشهر الأودية في عمان , ثم في ختام اليوم قمنا بجولة مسائية ساحرة في رأس الجنز لمشاهدة السلاحف المهيبة وهي تأتي إلى الشاطئ.
وفي اليوم الخامس بدأنا رحلة المشي في وادي ميبام المذهل وسط مناظر خلابة وكذلك قمنا بزيارة هوية نجم الشهيرة.
وكان اليوم السادس والأخير مميز بكل تفاصيله حيث قمنا برحلة بالقارب إلى جزيرة ديمانيات المعروفة بشواطئها الخلابة والحياة البحرية الرائعة, ثم قمنا بزيارة المعالم السياحية الرئيسية في مسقط و استمتعنا باكتشاف الثقافة والتاريخ الغني لسلطنة عمان الحبيبة, وكان المبيت أيضا في منتجع سانت ريجيس الموج بتجربة سكنية لا مثيل لها مع مرافق استثنائية واستمتاع بإطلالات خلابة على البحر.
وفي ختام رحلتنا الممتعة والشيقة لسلطنة عمان الحبيبة نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لوزارة التراث والسياحة العمانية على الدعوة الكريمة للمشاركة في برنامج إكتشف عمان الذي أضاف لنا الكثير من المعلومات عن الطبيعة الخلابة و المغامرات مع أمل أن نساهم في تطوير القطاع السياحي بالتعاون الفعال مع الأشقاء في الوزارة عن طريق توجيه السوق السعودي إلى السلطنة للاستمتاع بالوجهات الرائعة والفريدة في عالم السياحة وعيش تجارب استثنائية لا تنسى
مواضيع ذات صلة

ميناء فريحة السعيد: ذاكرة الزبارة النابضة وشريانها البحري
بقلم: محمد الجمعة الظفيري
مقابلة خاصة مع الباحث التاريخي والمؤرخ: فارس بن جاسم السعيدي
في قلب الخليج العربي، وعلى الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة قطر، ازدهرت مدينة الزبارة، المدينة التي كانت ذات يوم منارة تجارية وثقافية في المنطقة. ومن بين معالمها البارزة، يبرز ميناء فريحة السعيد كرمز نابض بالحياة، ليس فقط كمرفأ للسفن، بل كبوابة بحرية تاريخية وثقافية ساهمت في تشكيل ملامح المدينة والهوية الخليجية عامة.
الميناء… أكثر من مجرد مرسى
يشير الباحث التاريخي فارس بن جاسم السعيدي إلى أن ميناء فريحة السعيد لم يكن مجرد نقطة رسو، بل كان قلبًا نابضًا للزبارة. “كان الميناء بمثابة البوابة الأولى للقادمين إلى المدينة. فمنه تبدأ رحلة الزائر في اكتشاف الزبارة، وتاريخها، وروحها المضيافة”، يقول السعيدي.
استقبل الميناء على مر السنين بحّارة وتجارًا من الهند وشرق أفريقيا وسواحل الخليج العربي، ما جعله نقطة التقاء لثقافات متعددة ومركزًا مهمًا لتبادل السلع والخبرات والحكايات.
آل سعيد… أسطول وفخر بحري
يرتبط الميناء ارتباطًا وثيقًا بـ أسطول آل سعيد، أحد أبرز الأساطيل البحرية التقليدية في الخليج. كان هذا الأسطول يتكوّن من سفن شراعية صنعت يدويًا مثل: البوم، الجلبوت، السنبوك، البغلة، البقّارة، البتيل، الشوعي. كانت هذه السفن تجوب البحار من الهند إلى شرق أفريقيا، حاملةً البضائع الثمينة.
“كل سفينة كانت تحمل قصة، وحياة، وحلمًا بالرزق”، يقول السعيدي، مضيفًا أن تلك السفن لم تكن فقط وسيلة نقل، بل مرآة تعكس هوية وثقافة سكان الخليج وعلاقتهم بالبحر.
ويضيف السعيدي: “لم تكن كل السفن تجارية فحسب، بل إن بعضًا منها شارك في معارك و مهمات بحرية وتحول من مجرد وسيلة نقل إلى أداة دفاع وحماية. لقد أثبتت هذه السفن قدرتها على التكيّف مع المتغيرات، وكانت رمزًا للمرونة والقوة في آنٍ واحد.”
وها هو اليوم يُحيي هذا المجد المتوارث عبر الأجيال، حيث بادر شيخ قبيلة السعيد ، الشيخ الدكتور جاسم السعيدي بتوزيع هدية رمزية تحمل مجسم “سفن آل سعيد” على الشخصيات المهمة، تجسيدًا لاعتزازه بالإرث، وتأكيدًا على استمرارية هذا التاريخ البحري العريق كرمز للفخر والانتماء.
من عظمة الميناء إلى صمت البحر: رحلة التراجع التجاري
في فترة ازدهار الميناء، كانت السفن التجارية تمتد لتصل إلى الخليج العربي والهند والعراق وأفريقيا وغيرها من المناطق. كان آل سعيد يملكون نحو 37 سفينة، مما يعكس النشاط التجاري الكبير الذي كانت تشهده المنطقة. كانت هذه السفن تشكل شبكة واسعة من التجارة التي تربط المنطقة بمختلف أنحاء العالم، وكانت تلك الحقبة تمثل ذروة النشاط التجاري والازدهار الاقتصادي.
لكن هذا الازدهار لم يدم طويلاً، حيث انخفض عدد السفن تدريجيًا ليصل إلى 37 سفينة فقط. يفسر الباحث السعيدي هذا التراجع بعدة عوامل، أبرزها كساد تجارة اللؤلؤ التي كانت تشكل مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الكبرى التي فرضتها سنة الطبعة، والتي تركت آثارها على حركة التجارة في المنطقة.
مع مرور الوقت، استمر تراجع النشاط التجاري، ليقتصر العدد لاحقًا على أربع سفن فقط. وقد كانت هذه السفن ملكًا للشيخ عبدالكريم بن مبارك بن محمد السعيدي، الذي ورثها أبناؤه. وعلى الرغم من قلة عددها، فإن تلك السفن حافظت على صيتها وسمعتها حتى يومنا الحالي. وكانت تحمل أسماء ذات دلالة كبيرة مثل: مصيحة، العييلة، كامل الزين، والتيسير.
تظل هذه السفن شاهدًا على رحلة تراجع التجارة من العظمة إلى الصمت، وتاريخًا يعكس التحديات الاقتصادية التي مرت بها المنطقة، وتاريخًا حافلًا بالأحداث والتطورات التي شكلت جزءًا من هوية هذه الأماكن.
مركز اقتصادي واستراتيجي
لعب الميناء دورًا محوريًا في تزويد الزبارة باحتياجاتها، خاصة في ظل وعورة الطرق البرية آنذاك. فكل ما كانت تحتاجه المدينة من أغذية وبضائع كان يأتي عبر البحر. كما ساهم الميناء في تحفيز الصناعات المحلية كصناعة السفن وصيد الأسماك، مما جعل الزبارة مركزًا اقتصاديًا متقدمًا في زمانها.
الحياة اليومية في فريحة السعيد
يصف السعيدي الحياة حول الميناء بأنها كانت لا تهدأ. العائلات كانت تترقب عودة السفن، والتجار يتبادلون الأحاديث، والصيادون يبيعون ما جاد به البحر، بينما كان الأطفال يملأون المكان بضحكاتهم. كان الميناء أيضًا مصدرًا للأخبار، حيث كانت السفن تجلب الرسائل والمستجدات من وراء البحار قبل وصول وسائل الاتصال الحديثة.
ذاكرة لا تموت
رغم مرور الزمن، لا يزال ميناء فريحة السعيد حاضرًا في ذاكرة أهل الزبارة كرمز لعصر من الازدهار والتواصل البحري. يقول السعيدي: “ربما اختفت بعض ملامح الميناء، لكن اسمه وتاريخه ما زالا حيّين في الذاكرة الشعبية، كجزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة وتراثها”.
لقد كان الميناء تجسيدًا لعلاقة أهل الخليج بالبحر: علاقة محبة، كفاح، ومغامرة. واليوم، حين يُذكر اسم فريحة السعيد، تتردد في الأذهان صور لسفن شامخة، وأناس بسطاء ربطتهم أمواج البحر أكثر من اليابسة.
منذ أسبوع . مقالات

معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد آل خليفة: رمز الوفاء والولاء الوطني
في حوارٍ أجراه الصحفي محمد الجمعة الظفيري، عبّر السيد فارس بن جاسم السعيدي، مدير مكتب المجلس العربي للمثقفين والأكاديميين للسلام والتنمية في مملكة البحرين، عن اعتزازه وفخره بشخصية وطنية بارزة، وهي معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد بن علي آل خليفة، الذي يُعد من أبرز رموز الإخلاص والعطاء في خدمة الوطن والمجتمع.
⸻
مسيرة وطنية حافلة بالعطاء
لم تقتصر مكانة معالي الشيخ إبراهيم على أدواره السياسية والاجتماعية، بل تجلت في مسيرة مشرفة غنية بالقيم والمبادئ، حيث كان مثالًا للوفاء والتفاني. رؤيته الوطنية انعكست في أفعاله ومواقفه، فكان مصدر إلهام لكل من تعامل معه، بفضل حسه الوطني العميق الذي جعله حاضرًا في كل ميدان يخدم البحرين وأهلها.
كلمات تُجسّد الانتماء الأصيل
من بين المواقف التي لا تُنسى، يروي السيد فارس السعيدي:
“في لقاء شخصي جمعني بمعالي الشيخ، قال لي:
أنتم أهلي وعزوتي وربعي، ونحن معكم منذ سنين طويلة. فريحة آل سعيد جمعتنا، وهذه المنطقة معروفة، وتاريخكم مشهود، وأنتم أهلنا وعزوتنا.
لم تكن هذه الكلمات مجرّد مجاملة عابرة، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن انتماء أصيل ينبع من تاريخ مشترك يجمعنا .
⸻
ثقة الشعب… تقدير مستحق
فوز معالي الشيخ إبراهيم في انتخابات المجلس الوطني عام 1973 لم يكن محض صدفة، بل جاء نتيجة ثقة راسخة من الشعب، وتقديرًا لعطائه الوطني المخلص. لم يسعَ يومًا إلى المنصب من أجل مصالح شخصية، بل كان همه الأول خدمة الوطن والمواطنين.
⸻
وفاء قلّ نظيره
عُرف معاليه بوفائه الكبير، لا سيما تجاه أصدقائه والمقربين، وعلى رأسهم الشيخ جاسم بن أحمد السعيدي، خال أبنائه، الذي كانت تربطه به علاقة وطيدة مبنية على الاحترام والمودة. وعندما قرر الشيخ جاسم خوض انتخابات 2002، لم يتردد معالي الشيخ إبراهيم في دعمه، وسانده بحضوره الشخصي وبأبنائه، في موقف يعكس أسمى معاني الأخوّة والوفاء.
⸻
لمسات إنسانية تبقى في الذاكرة
من المواقف الإنسانية المؤثرة التي يذكرها السيد فارس، حضور معالي الشيخ إبراهيم مراسم دفن السيدة سارة بنت فارس العيد، جدة السيد فارس ووالدة الشيخ جاسم السعيدي، حيث عبّر عن مشاعره بكلمات مؤثرة:
“أمنا سارة هي أم الرفاع جميع.”
كلمات صادقة وموقف إنساني ترك أثرًا عميقًا في النفوس، وأظهر قربه الحقيقي من الناس ومشاركته لهم في أحزانهم وأفراحهم.
⸻
عطاء يتجاوز السياسة
لم تقتصر جهود معالي الشيخ إبراهيم على الجانب السياسي، بل امتدت لتشمل دعم الشباب والرياضة، حيث كان راعيًا للعديد من البطولات والأنشطة المجتمعية. وتقديرًا لهذا الدعم المستمر، أطلق الشيخ الدكتور جاسم السعيدي اسمه على إحدى البطولات السنوية، تكريمًا لما قدمه من جهود مخلصة في خدمة الوطن والمجتمع.
⸻
رؤية وطنية تتجاوز اللحظة
تمتّع معالي الشيخ إبراهيم برؤية وطنية شاملة، مكنته من استشراف احتياجات المجتمع والتفاعل معها بكل إخلاص. كان صوته صوت المواطن، وعمله امتدادًا لنبض الشارع، لا يتوانى عن بذل الجهد في سبيل رفعة البحرين.
⸻
الختام: قدوة تتناقلها الأجيال
إن سيرة معالي الشيخ إبراهيم بن سلمان بن خالد آل خليفة ستظل منارة يُهتدى بها، ونموذجًا يُحتذى في الوطنية والوفاء. فنجاحه لم يكن نهاية المطاف، بل بداية لمسيرة متواصلة من العطاء، ستبقى محفورة في ذاكرة الوطن كرمزٍ للولاء، وشريكٍ في نهضة البحرين وازدهارها .
منذ أسبوع . مقالات

من التاريخ نُولد.. جليعات ابن سعيد شاهدٌ على المجد مقابلة خاصة: الباحث التاريخي فارس بن جاسم السعيدي لـ محمد الجمعة الظفيري
رشاد اسكندراني
في حديث خاص جمعنا مع الباحث والمؤرخ فارس بن جاسم السعيدي، سلط الضوء على أحد أبرز المعالم التاريخية والاجتماعية في إقليم الزبارة، وهي “جليعات ابن سعيد”، تلك القلعة التي تحوّلت عبر الزمن من حصن دفاعي إلى رمز للكرامة والكرم، وذاكرة حية تجسّد روح المجتمع وأصالته.
⸻
ذاكرة من الحجر والإنسان
يبدأ السعيدي حديثه قائلاً:
“جليعات ابن سعيد لم تكن يومًا مجرد بناء صامت، بل هي سجل مفتوح، تحكي فيه كل زاوية قصة، وكل حجر يحمل ذاكرة من مرّ به”.
ويضيف:
“شُيّدت القلعة في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، لتكون مأوى لجميع القبائل والعوائل التي سكنت الزبارة، فهي تُمثل تاريخًا من الثبات، والاحتواء، والانتماء العميق إلى الأرض والناس”.
⸻
الاسم الذي حمل الروح والهوية
يشير السعيدي إلى خصوصية الاسم قائلاً:
“الاسم مشتق من قبيلة السعيدي العريقة، ما يعكس انتماءها العميق ليس فقط للمكان، بل لأهله وتاريخهم. إنها ليست مجرد قلعة واحدة، بل مجموعة من الجليعات ذات الطابع الخاص، التي تفوح منها رائحة الأصالة والانتماء والكرامة”.
⸻
بوابة النفوذ ونبض الزبارة
ويتابع السعيدي:
“تمركزها بين عدة قلاع تاريخية في الزبارة منحها بُعدًا استراتيجيًا واجتماعيًا كبيرًا، حيث شكّلت همزة وصل بين مراكز النفوذ. وجودها وسط هذه القلاع لم يقلل من مكانتها، بل زادها إشعاعًا، فكانت بمثابة مركز اللقاء حين تتفرق السبل، وملتقى الناس في أوقات الشدة والأزمات”.
⸻
حصن لكل مستجير
يستذكر السعيدي قائلاً:
“كانت الجليعات تقع بمحاذاة فريحة آل سعيد في الزبارة، وكانت وما تزال رمزًا للأمان والاحتواء، دون اعتبار للقبيلة أو الأصل. كان يُقال: ‘الدخيل أمانة، وحقّه ما يُهان’، وكانت تلك العبارة تُطبّق حرفيًا في جليعات ابن سعيد وفريحة آل سعيد، كنهج حياة أصيل”.
⸻
مجلس الشورى واتخاذ القرار
ويضيف:
“في أزمنة الاضطراب، لم تكن جليعات ابن سعيد جدارًا يحمي فقط، بل كانت أيضًا قلبًا نابضًا بالحياة. اجتمع فيها وجهاء وأهالي الزبارة لمناقشة القضايا المجتمعية، وبناء جسور التعاون والتكافل. كانت ساحة للحوار والتكاتف، ومصدرًا لصون السلم الأهلي والأمن الاجتماعي”.
⸻
شهامة في الميدان وإنسانية في المواقف
يشير السعيدي بفخر إلى أن:
“أهل جليعات ابن سعيد و فريحة آل سعيد، من مختلف القبائل، عُرفوا بحماية النساء والأطفال، وكانوا سبّاقين دائمًا في نجدة المحتاج وإغاثة الملهوف. لم يُطرق بابها محتاجٌ إلا ووجد صدورًا رحبة وأيادي ممدودة. ولهذا، استحق أهلها عن جدارة لقب ‘مُزبنين الدخيل’، وهو لقب لا يُمنح إلا لمن جسّدوا أسمى قيم الشهامة والنخوة والكرم”.
⸻
سلسلة من القادة.. وراية لا تنكسر
ويخص السعيدي بالذكر الشيخ عبدالكريم بن الشيخ مبارك السعيدي، فيقول:
“هو أحد أعلام قبيلة السعيد، وعُرف بحكمته وحنكته وسداد رأيه. سعى بكل جهده لحفظ الأمن، وتوحيد الصفوف، وحل النزاعات. وسار على نهج والده الشيخ مبارك، الذي ورث الحكمة والمسؤولية من أبيه وجده، الذين كانوا شيوخًا لقبيلة السعيد منذ القدم، حتى وصل البيرق اليوم إلى شيخ قبيلة آل سعيد الشيخ الدكتور جاسم بن أحمد بن عبدالكريم السعيدي، الذي حمل الراية بإخلاص في هذا العصر”.
وها هو اليوم يُحيي هذا المجد المتوارث عبر الأجيال، حيث بادر الشيخ الدكتور جاسم السعيدي بتوزيع هدية رمزية تحمل مجسم “جليعات ابن سعيد” على الشخصيات المهمة، تجسيدًا لاعتزازه بالإرث، وتقديرًا للروابط التاريخية والوطنية التي توحّد المجتمع حول هذا الرمز الخالد.
⸻
تحوّل من قلعة إلى رمز حضاري
ويؤكد السعيدي:
“مع مرور الزمن، تحوّلت جليعات ابن سعيد من مجرد حصن دفاعي إلى مرجع روحي وثقافي نابض. جدرانها تنطق بقصص البطولة، وأركانها تحتفظ بذكريات الكرم والتلاحم الإنساني. إنها كيان حيّ يروي تاريخ مجتمع بأكمله، ويجسد قيم الأصالة والانتماء الراسخة”.
⸻
معلمٌ خالد لا تغيب عنه الذاكرة
يختم السعيدي حديثه قائلاً:
“جليعات ابن سعيد ما زالت شامخة، لم تهزّها العواصف، لأنها بُنيت على الإيمان بالإنسان، وعلى قيم الكرم والأمان. وتبقى، رغم تغيّر الأزمنة، شاهدًا حيًا على أصالة الزبارة وهويتها الراسخة”.
“من حفظ تاريخه، حفظ هويته” – هذه العبارة تلخّص ما تمثله جليعات ابن سعيد، القلاع التي أصبحت رمزًا خالدًا في وجدان كل من عرف الزبارة، أو مرّ بها، أو سمع حكاياتها من جيل إلى جيل .
منذ أسبوع . مقالات

قبيلة السعيدي : حكاية مجد في قلب الزبارة من مقابلة الإعلامي محمد الجمعة الظفيري مع الباحث فارس بن جاسم السعيدي
رشاد اسكندراني
تُعد قبيلة السعيد واحدة من أعرق وأشهر القبائل في تاريخ المنطقة، وقد كان لها دور بارز في تشكيل العديد من جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية في موطنها الأصلي، فريحة السعيد. لم تكن هذه القبيلة مجرد وجود سكني في المنطقة؛ بل كانت ولا تزال صاحبة بصمة عميقة في مختلف مجالات الحياة اليومية: من العادات والتقاليد إلى العمران، ومن العلاقات الاجتماعية إلى أساليب المعيشة.
⸻
أولًا: بداية الاستقرار
منذ العصور الماضية، اختارت قبيلة السعيد الاستقرار في فريحة السعيد ، وهي منطقة تتميز بموقعها الجغرافي الذي ساعد على استقرارهم وتوسعهم عبر الزمن. ومع مرور الوقت، أصبحت فريحة السعيد مركزًا للحياة القبلية، ومكانًا يلتقي فيه الناس في مناسباتهم المختلفة، مثل الأسواق والمجالس. وقد كانت المنطقة محورية في تشكيل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين القبيلة وجيرانها.
⸻
ثانيًا: الإرث الثقافي والاجتماعي
* العادات والتقاليد:
اشتهرت قبيلة السعيد بالكرم وحسن الضيافة، إضافة إلى قدرة أفرادها على حل النزاعات والمشكلات بطريقة تعكس الحكم العرفي والاحترام المتبادل، وهي سمات جعلت لها مكانة خاصة في قلوب القبائل الأخرى.
* الشعر والأدب الشعبي:
كان أفراد السعيد يهتمون بالشعر النبطي، الذي مثّل أداة توثيقية هامة بالنسبة لهم. استخدموه لتوثيق الأحداث التاريخية، والتفاخر بماضيهم العريق، والحفاظ على القصص التي انتقلت من جيل إلى جيل. وكان الشعر جزءًا لا يتجزأ من حياة القبيلة، وتوارثوه كأحد أهم وسائل التعبير عن هويتهم الثقافية.
* المكانة الاجتماعية:
لعبت قبيلة السعيد دورًا محوريًا في تنظيم شؤون المنطقة من خلال مجالس الشيوخ وأعرافهم، التي أسهمت في تسوية النزاعات بين الأفراد والعائلات، وكان لذلك أثر بالغ في تعزيز الاستقرار الاجتماعي.
⸻
ثالثًا: ملامح من الماضي
إذا تجولت في فريحة السعيد اليوم، فستجد آثارًا ملموسة تدل على الوجود العميق للقبيلة في المنطقة:
• البيوت الطينية التي لا تزال تحافظ على طابعها التقليدي، وتشير إلى البساطة والتأقلم مع البيئة المحلية.
• الأسوار والبوابات التي كانت تحمي البيوت، وتوضح التنظيم الاجتماعي بين السكان.
• الآبار القديمة التي حفرت بجهود كبيرة، وتعكس قدرة القبيلة على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة.
⸻
رابعًا: النشاط الاقتصادي
لم تقتصر حياة قبيلة السعيد على الجوانب الاجتماعية والقبلية فقط، بل كان لها دور مهم في الاقتصاد المحلي أيضًا:
• كانت لهم حركة تجارية موسمية مع القبائل المجاورة، مما جعل فريحة السعيد مركزًا تجاريًا نشطًا يربط بين مختلف الجماعات القبلية.
⸻
خامسًا: جليعات ابن سعيد : ملجأ للناس والعوائل، وحصن للزبارة
تُعد جليعات ابن سعيد من أبرز وأروع المعالم التاريخية في منطقة الزبارة، إذ كانت تمثل ملاذًا آمنًا لكل من لجأ إليها من الأهالي والعائلات، بغض النظر عن قبيلتهم أو أصلهم.
في أوقات الاضطرابات والصراعات، كانت جليعات ابن سعيد حصنًا يوفر الأمان والحماية للمقيمين والزوار، وتشكل درعًا واقيًا من التهديدات والهجمات.
لكنها لم تكن مجرد حصن دفاعي، بل كانت أيضًا مكانًا حيويًا يجمع الأهالي والمقيمين في الزبارة لتبادل الآراء، مناقشة القضايا الاجتماعية، والبحث عن حلول للمشكلات. كانت نقطة التقاء للوحدة والتضامن بين سكان المنطقة في أوقات الشدائد.
وقد اشتهر المكان بحماية النساء والأطفال، وكان معروفًا عن القائمين على جليعات ابن سعيد استجابتهم السريعة لكل من احتاج إلى الحماية، مما جعلها منبعًا للأمن والسلام في المنطقة. يُشار إليهم أيضًا بلقب “مزبنين الدخيل”، وهو تعبير يعكس أهمية المكان كملاذ آمن للجميع، دون النظر إلى الانتماءات القبلية أو الاجتماعية.
وقد لعب الشيخ عبدالكريم بن الشيخ مبارك بن محمد بن مبارك السعيدي، شيخ قبيلة السعيدي ، دورًا كبيرًا في الحفاظ على الأمن في المنطقة. وكان معروفًا بحكمته وقيادته الفذّة، التي أسهمت في توفير الحماية للأهالي، مما يجعل دوره محوريًا في تاريخ الزبارة خلال تلك الحقبة.
⸻
خاتمة: حكاية ما زالت حيّة
تاريخ قبيلة آل سعيد في فريحة السعيد ليس مجرد حكاية من الماضي، بل هو إرث حيّ ومتجدّد يعكس قوة القبيلة في الحفاظ على هويتها وكرامتها على مر العصور.
واليوم، يواصل الشيخ جاسم السعيدي، شيخ قبيلة السعيد ، والمعرّف الرسمي لها، وعميدها، إحياء الدور الاجتماعي والتاريخي للقبيلة، ممثلًا بيت المشيخة وقيادتها. ويُعرف الشيخ جاسم بحرصه على المحافظة على إرث القبيلة، وتقوية أواصرها، وتعزيز حضورها الاجتماعي والثقافي في مختلف المحافل.
وما زال أبناء قبيلة السعيد يعتزون بتاريخهم العريق، ويواصلون ممارسة هذه التقاليد في حياتهم اليومية، مما يعكس صمودهم في وجه التحديات، وقدرتهم على التكيّف مع تغيرات الزمن، ووقوفهم الدائم خلف القيادة الحكيمة، دعمًا لمسيرة التنمية والوحدة الوطنية، وإيمانًا منهم بأن قوة الوطن في تلاحم أبنائه وولائهم لقيادتهم
منذ أسبوع . مقالات

الحوسبة السحابية المتعددة بين زيادة السهولة وتقليل التكاليف: 4 نصائح لمدراء تقنية المعلومات
منذ أسبوعين . مقالات

"صوت الحق والحكمة".. قراءة في سيرة الشيخ الدكتور جاسم بن احمد السعيدي الظفيري.
رشاد اسكندراني
صدر حديثًا كتاب "السيرة العطرة لصوت الحق والحكمة" للكاتب والإعلامي محمد الجمعة الظفيري، والذي يسلط الضوء على حياة وإسهامات الدكتور جاسم بن أحمد السعيدي الظفيري.
يقدم الكتاب نظرة معمقة وشاملة على جوانب حياة الشيخ السعيدي الغنية، والتي تميزت بجهوده العلمية والدعوية والاجتماعية والسياسية البارزة. ويوثق الكتاب محطات مهمة في مسيرته، مسلطًا الضوء على تأثيره الكبير في مجتمعه.
ويتضمن الكتاب عدة فصول، حيث يخصص الفصل الأول للحديث عن مملكة البحرين وما تشهده من تطور وازدهار في ظل قيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة -حفظهما الله-، وما حققته من إنجازات في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد والتعليم والثقافة وصولاً لمجتمع حيوي مزدهر وحياة كريمة ومستقبل مشرق.
ثم يستعرض مسيرة الشيخ السعيدي الثرية وتشمل: تفاصيل عن ولادة الشيخ الدكتور جاسم في منطقة الرفاع الشرقي بالبحرين عام 1957، ونسب عائلته المتميز الذي يعود إلى قبيلة الظفير، ونشأته في بيئة ثقافية ودينية غنية. وكذلك لمحة عامة عن إنجازاته الأكاديمية، ومنها حصوله على دكتوراه في الدراسات الإسلامية وماجستير في العقيدة الإسلامية في ضوء القرآن والسنة، وبكالوريوس في الشريعة الإسلامية، ودبلوم في أصول الفقه الإسلامي، إلى جانب دراساته في العلوم السياسية في معهد القيادة الدولية بجامعة الأمم المتحدة. ويسلط الكتاب الضوء على القيم المثالية التي تحلى بها الشيخ الدكتور جاسم، ومنها كرمه وشجاعته في الدفاع عن حقوق المواطنين وشعوره القوي بالمسؤولية تجاه مجتمعه وتفانيه في التعلم ونشر المعرفة.
ويستعرض الكتاب لمحات من مسيرة الشيخ السياسية، ابتداءً من عام 2002، حيث كان نائباً في البرلمان البحريني لدورتين ، ودافع عن حقوق المواطنين وشارك في لجان برلمانية مختلفة وكانت له مواقف مشهودة في مختلف القضايا المجتمعية والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية.
إلى جانب نشاطه الاجتماعي ولاسيما عبر مجلسه اليومي المفتوح في منطقة الرفاع الشرقي، والذي يعتبر نقطة التقاء لأشخاص من مختلف أنحاء البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي والعالم، بما في ذلك العلماء وزعماء القبائل ويتميز هذا المجلس بأجوائه العائلية ودوره في التوعية بالقضايا الدينية والثقافية والوطنية.
وافرد مؤلف الكتاب عدة فصول لتوثيق مسيرة الشيخ السعيدي وأورد قائمة شاملة لكتبه العديدة التي تغطي موضوعات إسلامية متنوعة، بما في ذلك "كتاب الوضوء وملحق في الغسل"، "كتاب السواك"، "كتاب التلقين"، "كتاب العلو"، "مذكرة التوحيد"، ورسائله الأكاديمية في العقيدة الإسلامية ودور خطب الجمعة، وقدم مقتطفات من بعض أعماله.
وأورد أيضا بعضًا من قصائد كتبت في مدح الشيخ الدكتور جاسم من قبل شعراء مختلفين، تعكس مكانته المرموقة وصفاته النبيلة. وبعضًا من قصص شخصية تبرز خصائله الحميدة كيقظته وشجاعته التي تجسدت في الحادثة التي وقعت أثناء الحج عام 1979م. وحبه للعلم والتعلم وارتباطه العميق بالقرآن الكريم، حيث ذكر الشيخ كيف تعلم من عمه أبو عبدالله الدخيل (رحمه الله) الطريقة المثلى لختم القرآن الكريم، وكيف ختمه في يوم واحد. وأيضاً كرمه وحكمته وتعامله النبيل مع المواقف الصعبة، وفي هذا ما ذكره خالد بن عبدالله الذوادي عن قيام الشيخ السعيدي بحل مشكلة عدم وجود التيار الكهربائي في مخيمات الحجاج البحرانيين في مشعر منى وتكفله بحلها بوقت قياسي. وكذلك ما أورده الشيخ عبدالرحمن بن عبدالكريم العيد عن قصة الحاجة البحرينية التي توفيت أثناء الحج وتصرف الشيخ مع أسرتها ومساعدته لهم. ونقلهم بالطائرة للبحرين على حسابه الشخصي
ويتضمن الكتاب قسمًا للصور والذكريات التي تجمع الشيخ الدكتور جاسم بقادة مملكة البحرين بما في ذلك جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة -حفظهما الله-، بالإضافة إلى قادة من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى وشخصيات بارزة سياسية وثقافية متنوعة.
ان هذا الكتاب كنز مهم ينتظر أولئك الشغوفين بفهم أبعاد حياة وعمل وتأثير قامة بحرينية شامخة، هو الشيخ الدكتور جاسم بن أحمد السعيدي الظفيري، الذي أغنى تاريخ البحرين بإسهاماته الجليلة، وهو نافذة تطل على سيرة عطرة لرجل استثنائي يستحق التقدير والاكتشاف.
منذ أسبوعين . مقالات